إحصائيات الهجمات الإلكترونية 2024: أي القطاعات هي الأكثر استهدافًا؟
ويب و أمان:
نداء استيقاظ بقيمة 16 مليار دولار في مواجهة واقع رقمي جديد:
في عالم يتزايد فيه الاعتماد على التكنولوجيا، لم تعد الهجمات الإلكترونية مجرد إزعاج تقني. بل تحولت إلى قوة اقتصادية كبرى تعيد تشكيل مشهد المخاطر العالمي. لم يعد السؤال "هل" ستتعرض المؤسسة لهجوم. بل "متى" و"بأي شدة".
| إحصائيات الهجمات الإلكترونية 2024: أي القطاعات هي الأكثر استهدافًا؟ |
بناءً على ما يقرب من 860 ألف شكوى تم تقديمها. هذا الرقم الهائل ليس سوى قمة جبل الجليد في اقتصاد الظل الرقمي الذي من المتوقع أن تتجاوز تكاليف10.5 تريليون دولار سنويًا بحلول عام 2025.
أ/ قطاع الرعاية الصحية تحت الحصار: أزمة منهجية من الهشاشة:
برز قطاع الرعاية الصحية في عام 2024 باعتباره الهدف الأكثر عرضة للخطر والأشد تضررًا. فالهجمات التي تستهدفه ليست عشوائية، بل هي إستراتيجية محسوبة تستغل قطاعًا يعاني من نقاط ضعف فريدة. فهو يعتمد على أنظمة قديمة غالبًا.
وطبيعة عملياته حرجة للغاية. وبياناته ذات قيمة استثنائية. شهد القطاع في أمريكا الشمالية وحدها زيادة سنوية بنسبة 20% في متوسط الهجمات الأسبوعية.
ب/ البنية التحتية الحيوية والاتصالات: الجبهة الجديدة للصراع الجيوسياسي
تحول التركيز في عام 2024 من الجرائم المالية البحتة إلى التجسس الذي ترعاه الدول والتمركز الإستراتيجي، حيث استهدفت جهات فاعلة متطورة الركائز الأساسية للدول الحديثة، مثل الاتصالات والطاقة والخدمات الحكومية.
لم يكن الهدف هو الربح المادي الفوري، بل جمع المعلومات الاستخباراتية على المدى الطويل وتأمين القدرة على إحداث اضطرابات واسعة النطاق أثناء النزاعات المستقبلية.
اقرأ ايضا: تحليل متعمق لمهنة الاختراق الأخلاقي: المنهجيات والمسارات المهنية وضرورات الأمن الحديثة
كانت مجموعات القرصنة الصينية التي ترعاها الدولة، مثل Salt Typhoon و Volt Typhoon. نشطة بشكل استثنائي هذا العام. استهدفت مجموعة Salt Typhoon شركات الاتصالات الأمريكية الكبرى. بما في ذلك
Verizon و AT&T و T-Mobile. وتسللت إلى شبكاتها لسرقة بيانات الأمن القومي واعتراض اتصالات المسؤولين الحكوميين.
في المقابل، ركزت مجموعة Volt Typhoon على التسلل إلى مجموعة واسعة من شبكات البنية التحتية الحيوية الأمريكية. بما في ذلك قطاعات الطاقة والنقل والمياه.
لا تنظر حكومة الولايات المتحدة إلى هذا على أنه مجرد تجسس، بل كعملية "تمركز مسبق" للأصول الرقمية بهدف إحداث تأثيرات تخريبية أو مدمرة أثناء أي صراع عسكري محتمل.
ج/ القطاعان المالي والتعليمي: دراسة في التباين ونقاط الضعف
يقدم القطاعان المالي والتعليمي دراسة حالة مثيرة للاهتمام حول كيفية استهداف المهاجمين لقطاعات مختلفة بدوافع وأساليب متباينة. فالقطاع المالي هو هدف محصن جيدًا يتم مهاجمته لقيمته النقدية المباشرة، مما يتطلب أساليب متطورة.
وعلى النقيض من ذلك، غالبًا ما يكون قطاع التعليم هدفًا أسهل. يتم مهاجمته بسبب الحجم الهائل للبيانات الشخصية القيمة التي يحتفظ بها. والتي يمكن استغلالها ماليًا أو استخباراتيًا.
يظل القطاع المالي هدفًا رئيسيًا بعد قطاع التصنيع. وغالبًا ما تكون الهجمات عليه بهدف السرقة المالية المباشرة.
كما رأينا في هجوم الفدية على شركة loanDepot. الذي كشف بيانات ما يقرب من 17 مليون عميل وكلف الشركة أكثر من 26 مليون دولار. وتشمل أساليب الهجوم الشائعة هجمات الحرمان من الخدمة الموزعة (DDoS) واختراق البيانات والاحتيال المتطور.
أما قطاع التعليم، فقد أصبح ثاني أكثر القطاعات استهدافًا من قبل الجهات الفاعلة التي ترعاها الدول. وغالبًا ما تُستخدم هذه المؤسسات كساحة اختبار أو كنقطة انطلاق لاستهداف جهات أخرى.
يعاني القطاع من ضعف شبه كامل أمام هجمات التصيد الاحتيالي، حيث أبلغت 100% من مؤسسات التعليم العالي عن تعرضها لها.
ولا تزال برامج الفدية تشكل تهديدًا كبيرًا، حيث بلغ متوسط طلب الفدية 847,000 دولار في عام 2024. ويُنظر إلى القطاع على أنه هدف مربح بسبب نقص الموارد المخصصة للأمن السيبراني واحتفاظه بكميات هائلة من بيانات الطلاب والموظفين الحساسة.
وتشمل الحوادث البارزة اختراق بيانات مجلس مدارس تورونتو وإغلاق مدارس هايلاين العامة بسبب هجمات الفدية.
د/ تحصين الدفاعات: التحول نحو أمن استباقي وذكي:
في مواجهة هذا المشهد المعقد من التهديدات. لم يعد الأمن السيبراني التفاعلي كافيًا. يسلط عام 2024 الضوء على تحول حاسم نحو إستراتيجيات دفاعية استباقية وذكية، حيث تدرك المؤسسات بشكل متزايد أن انتظار وقوع الهجوم لم يعد خيارًا قابلاً للتطبيق.
بدأت المؤسسات في تحسين دفاعاتها ببطء، حيث لوحظ ارتفاع طفيف في تطبيق الضوابط الأساسية مثل الحماية المحدثة من البرامج الضارة (ارتفعت إلى 83%)، وجدران الحماية الشبكية (إلى 75%)، وتقييد حقوق المسؤولين (إلى 73%).
ومع ذلك. فإن الدرس الأهم المستفاد من هجمات برامج الفدية هو الحاجة الماسة إلى إدارة شاملة لجميع الأجهزة، حيث استخدم أكثر من 90% من هجمات الفدية الناجحة أجهزة غير مُدارة كنقطة وصول أولية.
تعد إدارة التحديثات الأمنية (Patch Management) بشكل استباقي أمرًا ضروريًا للدفاع ضد الثغرات التي تستغلها مجموعات مثل Salt Typhoon .
كما أن تبني الدفاع القائم على الذكاء الاصطناعي أصبح اتجاهًا رئيسيًا. فالمؤسسات التي تستخدم أنظمة أمنية مدعومة بالذكاء الاصطناعي تكتشف وتحتوي الاختراقات أسرع بـ 108 أيام في المتوسط، مما يوفر ما متوسطه 1.76 مليون دولار لكل اختراق.
وهناك ضرورة متزايدة لتبني بنية "انعدام الثقة" (Zero Trust Architecture). التي تفترض عدم الثقة بأي مستخدم أو جهاز بشكل تلقائي وتتطلب التحقق من كل طلب وصول.
إن مفهوم "محيط الشبكة" الآمن أصبح قديمًا. فالمحيط الجديد هو "الهوية". تشير البيانات حول كون الأجهزة غير المدارة هي نقطة الدخول الرئيسية لبرامج الفدية. وصعود هجمات التصيد لسرقة بيانات الاعتماد. إلى استنتاج واضح.
لم يعد المهاجمون يحاولون اختراق جدار الحماية للشركة. بل يقومون ببساطة بتسجيل الدخول باستخدام بيانات اعتماد مسروقة من جهاز كمبيوتر محمول شخصي أو هاتف.
هذا الواقع هو القوة الدافعة وراء التوجه نحو بنية انعدام الثقة. لقد فشل النموذج القديم "ثق ولكن تحقق" لأي شخص داخل الشبكة. والنموذج الجديد والفعال هو "لا تثق أبدًا. تحقق دائمًا". مع التركيز على مصادقة هوية المستخدم وسلامة الجهاز لكل معاملة. بغض النظر عن الموقع.
هناك فجوة خطيرة ومتنامية بين سرعة الهجمات المدفوعة بالذكاء الاصطناعي وسرعة الدفاعات التي يقودها البشر. يستخدم المهاجمون الذكاء الاصطناعي لجعل حملات التصيد أكثر إقناعًا وقابلية للتوسع.
ويستخدمون الأتمتة للعثور على الثغرات واستغلالها بشكل أسرع من أي وقت مضى. إن البيانات التي تظهر أن الدفاعات المدعومة بالذكاء الاصطناعي يمكن أن تحتوي الاختراقات أسرع بـ 108 أيام ليست مجرد مقياس للكفاءة، بل هي ضرورة للبقاء.
فهي تشير إلى أن المؤسسات التي تعتمد فقط على المحللين البشريين والأدوات الأمنية التقليدية تتخلف عن الركب. الطريقة الوحيدة لمحاربة الهجمات الآلية والمدفوعة بالذكاء الاصطناعي هي من خلال دفاعات آلية ومدفوعة بالذكاء الاصطناعي.
وهذا يخلق "سباق تسلح بالذكاء الاصطناعي" في مجال الأمن السيبراني. والمؤسسات التي تفشل في الاستثمار في هذه التكنولوجيا ستجد نفسها عرضة للخطر بشكل متزايد.
هـ/ وفي الختام: الإبحار في حقل الألغام الرقمي للمستقبل:
لقد كان عام 2024 نقطة تحول حاسمة، حيث شهدنا نضجًا اقتصاديًا للجريمة الإلكترونية وتسليحًا استراتيجيًا للقدرات السيبرانية من قبل الدول القومية.
لقد أصبح واضحًا أن التهديد السيبراني عالمي. لكن تجلياته وتأثيراته تختلف بشكل كبير من قطاع لآخر. كان قطاعا الرعاية الصحية والبنية التحتية الحيوية في قلب أعنف الهجمات. أحدهما استُهدف بسبب هشاشته النظامية والآخر لأهميته الإستراتيجية.
وفي الوقت نفسه، لا يزال القطاعان المالي والتعليمي هدفين رئيسيين بسبب بياناتهما القيمة. مع اختلاف دوافع المهاجمين ومستويات النضج الأمني.
إن الطريق إلى الأمام لا يكمن في بناء جدران أعلى، بل في إقامة دفاعات أكثر ذكاءً وتكيفًا تتمحور حول الهوية، والبحث الاستباقي عن التهديدات.
والاستجابة المدفوعة بالذكاء الاصطناعي. إن فهم هذه القطاعات المستهدفة هو الخطوة الأولى نحو بناء مجتمع رقمي أكثر مرونة.
ما هو القطاع الذي يواجه التحدي الأكبر في العام القادم من وجهة نظرك ولماذا؟ شاركنا أفكارك ورؤيتك في التعليقات أدناه. نتطلع إلى التفاعل معك.
اقرأ ايضا: أساسيات التشفير: كيف يتم حماية بياناتك أثناء انتقالها؟
هل لديك استفسار أو رأي؟يسعدنا دائمًا تواصلك معنا! إذا كانت لديك أسئلة أو ملاحظات، يمكنك التواصل معنا عبر صفحة [اتصل بنا] أو من خلال بريدنا الإلكتروني، وسنحرص على الرد عليك في أقرب فرصة ممكنة.