تقني1 هو منصة عربية متخصصة في تقديم محتوى احترافي في مجالات الذكاء الاصطناعي، البرمجة، والتحول الرقمي. نسعى لتبسيط التقنية بلغة عربية واضحة، وفهم سهل لكل ما هو جديد في عالم التكنولوجيا.
نقدم شروحات موثوقة، ودروس عملية، وتحليلات تساعد الأفراد والمهتمين بالتقنية على تطوير مهاراتهم، وصناعة محتوى رقمي أصيل وفعّال.
يعمل على المنصة فريق من الكتاب والمطورين المتخصصين لتقديم محتوى عربي، دقيق، وسهل الفهم، يواكب المستقبل، ويخدم المستخدم العربي بأفضل صورة ممكنة.

توقعات 2025: كيف تقود الحوسبة السحابية نمو قطاع التكنولوجيا؟

توقعات 2025: كيف تقود الحوسبة السحابية نمو قطاع التكنولوجيا؟

ويب و أمان:

المقدمة: عصر السحابة الذي لا مفر منه

في عام 2025، لم تعد الحوسبة السحابية مجرد تقنية متنامية، بل تحولت إلى قوة اقتصادية هائلة تشكل ملامح الاقتصاد العالمي. تشير التوقعات الصادرة عن مؤسسات بحثية رائدة مثل "غارتنر" إلى أن حجم إنفاق المستخدمين النهائيين على الخدمات السحابية سيصل إلى 723.4 مليار دولار أمريكي في عام 2025، مسجلاً زيادة مذهلة بنسبة 21.5% مقارنة بعام 2024. وتذهب تقديرات أخرى إلى أبعد من ذلك، حيث تتوقع أن يتراوح حجم السوق الإجمالي بين 912 مليار دولار و943.6 مليار دولار في العام نفسه ، مع مسار نمو واضح يتجه نحو تجاوز 2.3 تريليون دولار بحلول عام 2030.

توقعات 2025: كيف تقود الحوسبة السحابية نمو قطاع التكنولوجيا؟
توقعات 2025: كيف تقود الحوسبة السحابية نمو قطاع التكنولوجيا؟

أ/ المحرك الأساسي: الذكاء الاصطناعي والبيانات هما وقود السحابة الجديد

إن الثورة التي يشهدها عالم الذكاء الاصطناعي اليوم هي في جوهرها ثورة سحابية. توفر الحوسبة السحابية المكونات الثلاثة الأساسية التي لا غنى عنها لتطور الذكاء الاصطناعي الحديث: سعة تخزين هائلة للبيانات، وقوة حوسبية فائقة قابلة للتطوير، ومنصات وخدمات ذكاء اصطناعي وتعلم آلي سهلة الوصول.

التحول نحو منصات سحابية أصيلة للذكاء الاصطناعي

يشهد عام 2025 تحولًا استراتيجيًا في عروض الخدمات السحابية. لم يعد التركيز مقتصرًا على مجرد تمكين أعباء عمل الذكاء الاصطناعي، بل انتقل إلى بناء منصات "أصيلة للذكاء الاصطناعي" (AI-Native)، حيث يتم دمج الذكاء الاصطناعي في كل طبقة من طبقات الخدمة.

هذا التطور يعيد تعريف القيمة الأساسية التي تقدمها السحابة. في بداياتها، كان نموذج "البنية التحتية كخدمة" (Infrastructure as a Service - IaaS) يعني ببساطة استئجار موارد الحوسبة والتخزين والشبكات. أما اليوم، فمع دمج أدوات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي في صميم المنصات السحابية، لم يعد العملاء يشترون مجرد بنية تحتية خام، بل يشترون وصولاً مباشرًا إلى "الذكاء كخدمة.

ب/ توسيع الآفاق: من مراكز البيانات المركزية إلى إنترنت الأشياء والحوسبة الطرفية

إذا كان الذكاء الاصطناعي هو "عقل" السحابة، فإن إنترنت الأشياء (IoT) هو "جهازها العصبي" الذي يمتد إلى العالم المادي. تعمل الحوسبة السحابية كمركز قيادة وتحكم أساسي للانتشار الهائل للأجهزة المتصلة، حيث من المتوقع أن يصل عدد أجهزة إنترنت الأشياء المرتبطة بالسحابة إلى 75 مليار جهاز بحلول عام 2025. هذه الأجهزة، من المستشعرات في المصانع إلى الكاميرات في المدن الذكية والأجهزة الطبية القابلة للارتداء، تولد تدفقًا مستمرًا من البيانات يفوق بكثير قدرة أي نظام محلي على المعالجة والتخزين.  

فهي تحول القراءات الأولية من أجهزة الاستشعار إلى رؤى تجارية قابلة للتنفيذ، مما يمكن الشركات من تحسين عملياتها وخلق نماذج أعمال جديدة.

صعود الحافة الذكية

مع تزايد الحاجة إلى استجابات فورية في تطبيقات مثل السيارات ذاتية القيادة، والجراحة الروبوتية، والأتمتة الصناعية في الوقت الفعلي، ظهرت قيود على نموذج الحوسبة السحابية المركزي. إن إرسال كل البيانات إلى مركز بيانات بعيد للمعالجة ثم انتظار الاستجابة يستغرق وقتًا طويلاً (ما يعرف بالكمون أو Latency)، وهو أمر غير مقبول في التطبيقات الحرجة.  

ج/ إعادة تشكيل الاقتصاد الرقمي: نماذج أعمال جديدة وتحسين مالي واعتماد قطاعي

إن التأثير الأكثر عمقًا للحوسبة السحابية قد لا يكون تقنيًا بقدر ما هو اقتصادي. لقد أحدثت السحابة ثورة في البنية المالية لتكنولوجيا المعلومات، محولة إياها من نموذج يعتمد على النفقات الرأسمالية (CapEx) إلى نموذج يعتمد على النفقات التشغيلية.

هذا التحول له تداعيات هائلة. بالنسبة للشركات الناشئة، فإنه يزيل حاجزًا كبيرًا أمام الدخول إلى السوق، مما يسمح لها بالوصول إلى بنية تحتية على مستوى المؤسسات الكبرى بجزء بسيط من التكلفة، والمنافسة على قدم المساواة.

اقرأ ايضا : درعك الرقمي الخفي: ما هي شبكة VPN وهل أصبحت ضرورة حتمية في عالم اليوم؟

النظام البيئي لنماذج الخدمة (IaaS, PaaS, SaaS)

يتكون عالم الحوسبة السحابية من ثلاثة نماذج خدمة رئيسية، كل منها يقدم مستوى مختلفًا من الإدارة والتحكم:

البنية التحتية كخدمة (IaaS): هذه هي الطبقة الأساسية التي توفر موارد الحوسبة والتخزين والشبكات الافتراضية. المنصة كخدمة (PaaS): توفر هذه الطبقة بيئة وأدوات للمطورين لبناء ونشر وإدارة التطبيقات دون القلق بشأن البنية التحتية الأساسية. من المتوقع أن ينمو الإنفاق على هذا القطاع بنسبة 22% في عام 2025. ومن الأمثلة عليها Heroku وGoogle App Engine.  

البرمجيات كخدمة (SaaS): هذا هو النموذج الأكثر شيوعًا والأكبر حجمًا، حيث يتم تقديم تطبيقات جاهزة للاستخدام عبر الإنترنت بنظام الاشتراك. من المتوقع أن يقترب الإنفاق على هذا القطاع من 300 مليار دولار في عام 2025. تشمل الأمثلة الشهيرة Salesforce وMicrosoft 365.  

صعود ممارسة FinOps: ترويض تكاليف السحابة

على الرغم من الفوائد الاقتصادية الواضحة، فإن الطبيعة المرنة والمتغيرة للسحابة تخلق تحديًا جديدًا: إدارة التكاليف. تشير التقارير إلى أن 82% من صناع القرار في مجال السحابة يعتبرون إدارة الإنفاق هي التحدي الأكبر الذي يواجههم. وبسبب التعقيد ونقص الرؤية، يُقدر أن حوالي 32% من الإنفاق على السحابة يضيع بسبب الموارد غير المستخدمة أو المفرطة في التزويد.  

تحليل مقارن لمقدمي الخدمات السحابية (العمالقة) في عام 2025

د/ أسس المستقبل: نضج الأمان السحابي والتوجه نحو الاستدامة

مع انتقال المزيد من أعباء العمل والبيانات الحساسة إلى السحابة، أصبح الأمان والمسؤولية البيئية من الركائز الأساسية التي تحدد نضج واستدامة هذا القطاع. لقد تغيرت النظرة إلى الأمان السحابي بشكل جذري، من كونه مصدر قلق إلى كونه ميزة تنافسية رئيسية.

تطور الأمان السحابي

في الماضي، كان يُنظر إلى السحابة بشكوك أمنية. ومع ذلك، لم تختف التهديدات، بل تغيرت طبيعتها. لم تعد المخاطر الرئيسية تتمثل في الهجمات الخارجية على البنية التحتية للمزود، بل في الأخطاء الداخلية في التكوين من قبل العميل.

مع التهديدات السيبرانية اللي بتتطور يوم بعد يوم، كان لازم يطلع جيل جديد من حلول الأمان السحابي علشان يواكب التحديات ويوفر حماية أذكى وأقوى للشركات والأفراد.
إدارة وضع الأمان السحابي (CSPM): هي أدوات تقوم بالمسح والمراقبة المستمرة للبيئات السحابية للكشف عن التكوينات الخاطئة وانتهاكات الامتثال، وتنبيه المسؤولين قبل أن يتم استغلالها.  

بنية الثقة الصفرية (Zero Trust): هو نموذج أمني يقوم على مبدأ "لا تثق أبدًا، تحقق دائمًا". فبدلاً من الوثوق بأي شخص أو جهاز داخل الشبكة، يتم التحقق من كل طلب وصول بشكل فردي، مما يقلل بشكل كبير من سطح الهجوم. وقد أصبح هذا النموذج هو المعيار الفعلي للأمان في البيئات السحابية الحديثة.  

الذكاء الاصطناعي في الأمن السيبراني: أصبح الذكاء الاصطناعي سلاحًا ذا حدين. يستخدمه المهاجمون لإنشاء هجمات تصيد احتيالي متطورة وبرمجيات خبيثة قادرة على التكيف. وفي المقابل، يستخدمه المدافعون في أدوات الكشف والاستجابة الفورية للتهديدات (AI-driven Threat Detection and Response)، والتي يمكنها تحليل كميات هائلة من البيانات وتحديد الأنماط المشبوهة في الوقت الفعلي.  

الحتمية الخضراء: الاستدامة في السحابة

مع تزايد الوعي البيئي، برزت الاستدامة كعامل حاسم في استراتيجيات الحوسبة السحابية. تستهلك مراكز البيانات العملاقة كميات هائلة من الطاقة والمياه. وتشير التوقعات إلى أنه بحلول عام 2025، قد تستهلك مراكز البيانات ما يصل إلى خُمس إجمالي إمدادات الكهرباء العالمية، حيث يمكن لمركز بيانات واحد أن يستهلك طاقة تعادل استهلاك 80,000 منزل.  

هذا الواقع دفع مقدمي الخدمات السحابية إلى تبني ممارسات "السحابة الخضراء" (Green Cloud)، حيث يستثمرون بكثافة في مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ويطورون تقنيات تبريد أكثر كفاءة، ويستخدمون الذكاء الاصطناعي لتحسين استهلاك الطاقة في مراكز بياناتهم. لم يعد هذا الأمر مجرد مبادرة للعلاقات العامة، بل أصبح ميزة تنافسية.

هـ/ الخاتمة: السحابة ليست مجرد خيار، بل هي حجر الزاوية للنمو المستقبلي

يكشف تحليل المشهد التكنولوجي لعام 2025 عن حقيقة لا يمكن إنكارها: لقد أصبحت الحوسبة السحابية هي النسيج الضام الذي يربط كل جوانب الابتكار والنمو. لم تعد مجرد أداة لتحسين كفاءة تكنولوجيا المعلومات، بل تحولت إلى المحرك الاقتصادي الذي يعيد تعريف الصناعات ويخلق أسواقًا جديدة.

في ضوء هذه الحقائق، فإن أي مؤسسة، بغض النظر عن حجمها أو قطاعها، لم يعد بإمكانها النظر إلى السحابة كخيار ثانوي أو مجرد مركز لتخفيض التكاليف.

اقرأ ايضا : الدليل الشامل للاستجابة والتعافي تحليل معمق لحادثة كولونيال بايبلاين

هل لديك استفسار أو رأي؟

يسعدنا دائمًا تواصلك معنا! إذا كانت لديك أسئلة أو ملاحظات، يمكنك التواصل معنا عبر صفحة [اتصل بنا] أو من خلال بريدنا الإلكتروني، وسنحرص على الرد عليك في أقرب فرصة ممكنة.

أحدث أقدم

نموذج الاتصال